قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة من كراهية تزويق المسجد، والعلة في ذلك ما يخشى على المصلين من أن يلهيهم ذلك في صلاتهم؛ وقد مضى بيان هذا المعنى من الحديث في رسم "سلعة سماها"، ورسم "الشجرة تطعم بطنين في السنة " من سماع ابن القاسم، ومضى في رسم "سلف في حيوان" منه؛ وجه كراهية مالك لكتابة القرآن في القراطيس أسداسا وأسباعا، فكتاب شيء من القرآن في قبلة المسجد، مكروه عند مالك لوجهين، وقد خفف ذلك ابن نافع، وابن وهب في المبسوطة، وقول مالك أولى وأصح في المعنى.
مسألة قال: أخبرنا موسى بن معاوية الصمادحي، وسحنون، قالا: أخبرنا علي بن زياد أنه سأل مالكا عن الذي ينزل الماء في عينيه، فيريد أن يقدحهما، فيخبره الطبيب أنه إن قدحهما استلقى على ظهره ثلاثة أيام لا يقوم ولا يقعد؛ ما ترى أن يصنع؟ قال مالك: بل يقولون أربعين يوما، لا أدري ما هذا؟ وأبى أن يجيب فيه.
قال محمد بن رشد: قد أجاب في المدونة بأن ذلك مكروه، لا خير فيه. قال ابن القاسم - بعد هذا- (في هذا) السماع: فإن فعل، قام فصلى- وإن ذهبت عيناه. قال في المدونة: فإن لم يفعل وصلى إيماء أعاد أبدا في الوقت وبعده. وهذا على قياس قول مالك في رسم "الصلاة" الثاني من سماع أشهب في الذي يركب السفينة وهو لا يقدر على السجود فيها إلا على ظهر