وأما دابته فلا أحب له أن يركبها ولا أحب له إن كان له مال عنده أن يستسلفه.
قال محمد بن رشد: اتفق أهلُ العلم جميعا على تحريم أكل مال اليتيم ظلما وإسرافا وعلى أن ذلك من الكبائر لقول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] . وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 6] ، واختلفوا في القدر الذي يجوز للأوصياء من ذلك ويسوغ لهم لقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] ، فذهب مالك وأصحابه إلى أنه لا يجوز للوصي أن يأكل من مال يتيمه إلاّ بقدر استغاله به وخدمته فيه وقيامه عليه إن كان محتاجا إلى ذلك، قاله محمد بن المواز في كتابه عمن حكاه عنه من أهل العلم، وذلك على ما جاء عن عبد الله بن عباس، أنه قال للذي جاءه فقال له: إن لي يتيما أفأشْرَبُ من لبن إبله؟ قال ابن عباس: إن كنتَ تبغي ضالة أبله وتلي حرصها وتسقيها يوم وُرُودِها فاشرب غيرَ مُضِر بنسل ولا ناهِكٍ في الحلب، وأما إن كان غنيا عن ذلك فلا يفعل؛ لقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6] ، وقد قيل: أن للغني أن يأكل منه بقدر قيامه عليه وخدمته فيه وانتفاع اليتيم به في حسن نظره له، فإن لم يكن له في ماله خدْمة ولا عمل سوى أنه يتفقدُه ويشرف عليه لم يكن له أن يأكل منه إلّا ما لا ثمن له ولا قدر لقيمته مثل اللبن في الموضع الذي لا ثمن له فيه على ما قاله في هذه الرواية ومثلُ الفاكهة من ثمر حائطه على ما قاله في أول سماع أشهب من كتاب الجامع، ولا يركب دوابه ولا ينتفع بظهر إبِلِه ولا يستسلف من ماله ومن أهل العلم من ذهب إلى