الحديثُ في ذلك مثلَ القديم، فأما الأمر القريب العادة من ذلك، فإنه يعلمه، وأما ما قدم من ذلك وطال فليس عليه تجديد ذلك وذكره، والورثة هم أهملوا ذلك بحضرة ذلك وحدثانه.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إذا فوض تنفيذ الوصية إلى غير وارث فليس له أن يأخذها لولده ولا لحاضنةٍ من الناس إلّا أن يكون لذلك وجه يعرف فيه صواب فعله؛ لأنه يتهم في ولده وَخَاصَّتِهِ من الناس فعليه إذا فعل ذلك أن يُعْلِمَ الورثةَ به.
قال أصبغ: إلّا أن يكون الورثةُ صغارا فعليه أن يعلمهم إذا كبروا؛ لأن ذلك من القضاء لنفسه، فعلى ما ذكرته في رسم سَنّ قبل هذا في الذي يوصي إلَى المرأة أن تجعل ثلثه حيث أراها الله، وقوله: ليس له أن يكتم ما صنع ولا يعيبه، معناه أن ذلك ليس من الحظ له أن يفعله فيعرض نفسه للتهمة فإن فعل ذلك وعيبه وادعى أنه قد نقده فلا غرم عليه فيه إلّا أن يتبين كذبه، وهو مصدق في ذلك مع يمينه ما لم يتبين كذبه إلّا أن يطول الأمرُ فلا يكون عليه يمين، هذا معنى قوله في الرواية: ولا أرى عليه يمينا في ذلك، وليس الحادث في ذلك مثلَ القديم، يريد أنّ القديم يصدّق فيه بلا يمين، والحادث يصدق فيه مع يمينه، وقد وقع في بعض النسخ فإنه ليس له أن يأخذه لنفسه ولا لولده ولا أن يحابي منه أحدا من الناس، وذلك بين في المعنى، وقد مضى في أول مسألة من السماع القولُ على بقية المسألة فلا معنى لإِعادة ذلك وبالله التوفيق.
ومن كتاب اغتسل على غير نية وقال في ولي اليتم: إنْ كان في حجره وكان لليتيم غنم ودابة أيشرب من لبنها ويركب دابته؟ قال: إن كان للبن ثمن وهو في موضعِ له ثمن، فلا أحبه وإن كان في موضع ليس له ثمن فلا أرى به بأساَ