ومن كتاب حلف ليرفعن أمرا إلى السلطان قال: سئل مالك: عن المقارض يحاسب صاحبه ويقول قد تهضمت لك وحملت على نفسي، ثم يأتي بعد ذلك يذكر أنه نسي الزكاة وغير ذلك.
قال: لا يقبل قوله إلا أن يأتي على ذلك ببينة أو أمر لا يستنكر فيه قوله، وأمر يعرف به وجه ثبات ما رفع من ذلك.
قال ابن القاسم: وسمعته وسألناه عن مقارض عمل ودفع إلى صاحبه رأس ماله وربحه ثم جاء بعد ذلك يطلب نفقته ويقول أنفقت من مالي ونسيت حتى دفعت إليك. قال: لا يحلف ويكون القول قوله.
قال محمد بن رشد: أما المسألة الأولى فلا اختلاف فيها أنه لا يصدق فيما ادعى أنه نسيه عند المحاسبة لقوله قد تهضمت لك وحملت على نفسي لاحتمال أن يكون هذا الذي ادعى أنه نسيه هو الذي تهضم فيه وحمل فيه على نفسه، إلا أن يأتي بدليل على صحة دعواه.
وأما المسألة الثانية ففي المسألة خلافها أنه لا يقبل قوله فيما ادعى أن له في المال بعد أن حاسب صاحبه وقاسمه ودفع إليه ماله وهو الأظهر؛ لأن دفع ماله إليه كالإقرار أنه لا حق له فيه، فهو مدعى عليه فما يريد أن يخرجه من يده بعد أن دفعه إليه.
ووجه القول الثاني: أن الغلط والنسيان ليس أحد بمعصوم منه، فوجب أن يصدق بعد كما كان يصدق قبل، وهذا يشبه اختلافهم فيمن باع مساومة ثم ادعى الغلط، وبالله التوفيق.
ومن كتاب أوله سلف في المتاع وقال مالك فيمن أقام في الحضر في تجارة القراض مشتغلا بها نهاره كله: لا أرى أن ينفق من مال القراض شيئا على نفسه في غداء ولا غيره.