وتخلى عن القراض إليه برضاه وهو قد أنشب المال في سلع وديون فالأظهر أنه لا يجوز على ما قاله سحنون في أول رسم من السماع. وقد مضى الكلام على ذلك هنالك فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل مالك: عن الرجل يأخذ المال قراضا فيشتري متاعا ويداين فإذا كان على رأس حول دعا صاحبه إلى أن يحاسبه فيقول عندي كذا وكذا من النقد، وكذا وكذا من العروض، والدين كذا وكذا، ويقول له صاحب المال: أنا أعطيك ربحك من النقد وأبريك من الدين وهو رأس مالي والعرض إن دخل فيه نقضان إلا أن العامل يعمل فيه كما هو، قال: لا خير فيه حتى يحصل المال.
قال محمد بن رشد: قوله إلا أن العامل يعمل فيه كما هو، أي: حتى ينض المال بقبض الدين وبيع العروض وقبض أثمانها، وإنما لم يجز ذلك، وقال: إنه لا خير فيه لأن السنة في القراض لا يقسم الربح إلا عند المفاصلة إما بعد نضوض المال وإما بأن يرضي رب المال أن يخرج في رأس ماله إلى دين أو يأخذ فيه عرضا.
فقد حكى ابن حبيب في الواضحة عن مالك أنه قال: وإذا تفاصل رب المال مع العامل في القراض واقتسما الربح فلا بأس أن يأخذ رب المال رأس المال عينا ثم يقاسمه ما بقي من سلع أو غيرها، أو يأخذ رب المال في رأس ماله سلعة ثم يقاسمه فيما بقي من عين أو عرض.
فإذا لم يكن للعامل أن يقبض حصته من الربح حتى ينض رأس المال إلا برضا رب المال بالمفاصلة قبل نضوضه كان رب المال إنما فاصله قبل نضوضه وعجل له حصته من الربح قبل أن ينض رأس المال على أن يعمل في المال حتى ينض باطلا بغير شيء يكون له، فيدخله سلف جر منفعة، وبالله التوفيق.