يباع في دينه ولا ينتظر به انقضاء الخدمة، وحكاه عن مطرف وقال: هذا ما لا شك فيه عندنا ولا اختلاف، فلكلا القولين في مسألتنا وجه من النظر، والأظهر منها ما قاله مالك من أنه يكون من الثلث ولو لم يجز الحبس عن المحبس حتى مات وهو بيده لكان من ثلثه في السبيل أو الصدقة قولا واحدا على ما قاله في رسم الوصايا من سماع أصبغ، وأما قول ابن لبابة في تفرقته بين أن يموت المحبس عليه قبل المحبس أو بعده فتفرقةٌ لا وَجْهَ لها في النظر؛ لأن المحبس عليه إن مات قبل المحبس لا يرجع الحبس إليه، وإنما يكون لورثة المحبس عليه إلى أن يموت المحبس، فلا فرق بين أن يموت قبله أو بعده في كونه من ليأس المال أو من الثلث وبالله التوفيق.
مسألة قال مالك: من أوصى بوصية لبعض ورثته دون بعض ثم جعلها من بعدهم لغيرهم فهي على سائر الورثة الزوجة والأم، ومن لم يوص له بشيء يدخلون معهم فيأخذون قدرَ ما يصيبهم من الميراث، فإذا هلك رجل من الورثة الذين أوصى لهم صار نصيبه لولده وخرج نصيب الأم والزوجة والأخت من ذلك وثبت في غيره في حظوظ أعيان الولد حتى ينقرض أخرهم، فإذا انقرض أعيان الولد الذين أوصى لهم سقط نصيب الزوجة والأم، فإن هلكت الزوجةُ والأم دخل من يرثهما مكانَهما في الميراث مع الولد، فإذا هلك الولد ورثه ولده وانقطع ميراث الأم والزوجة وميراث من ورثهم إن كانوا قد هلكوا.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنه أوصى لبعض ورثته دون بعض بحُبُس تجري عليهم غلته بدليل قوله: ثم جعلها من بعدهم لغيرهم، إذ لو أوصى لبعض ورثته دون بعض بوصية قال: لم يصح أن يكون