قال محمد بن رشد: قد روى عن أشهب في هذا الأصل خلافُ هذا أنه يرى أن ذلك عنده من رأس المالِ؛ لأنه لَا يَرْجِع إليه ولا لورثته من بعده شيء منه أبدا، قاله ابن المواز، وقال ابن عبد الحكم عن أشهب وابن القاسم مثلَ قول مالك، وقال ابنُ لبابة إنما يكون من الثلث إن مات المحبَّس عليه قبل المحبس، وإما إن مات المحبس قبل موت المحبس عليه فهي من رأس المال لأنه قد بتلها في صحته فإنما ترجع إلى المتصدق عليه أو إلى السبيل من ملك المحبس عليه لا من ملكه، وجه قول مالك: إن ذلك يكون بعد موته من ثلثه صدقة على فلان أو في سبيل الله هو أن ذلك لم يبتل بَعْدُ للمتصدق عليه ولا في السبيل، وإن المحبس عليه إنما يستغله أو يسكنه طول حياة المحبس على ملكه، فإذا مات نفذ من ثلثه في الصدقة أو السبيل، فلو تَدَايَنَ على قياس هذا القول لَوجب أن يُباع في دينه، ووجه القول بأن ذلك يكون من رأس المال هو أن الحبس لما كان لا رجوع له إلى المحبس ولا إلى ورثته على حال من الأحوال كان كأنه قد أنْبَتّ منه وحصل ملكا للمتصدق عليه أو مبتولا للسبيل، والمحبَّسُ عليه إنما يستغله أو يسكنه على ملك من إليه المرجع.

وعلى هذا الأصل اختلف قولُ مالك في الرجل يُخْدِمُ عبدَه رجلا سنين ومرجعه لآخر فيُقتَل العبدُ أو يجْرَحُ أو يموت وله مال، هل يكون عقله إن قتل وأرش جرحه إن جرح أو ماله إن مات لسيده الذي أخدمه أو للذي له المرجع، وقع اختلاف قولُ مالك في هذا في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الجنايات، واختلف قولُ ابن القاسم في ذلك أيضَاَ فأشار في رسم العتق من الكتاب المذكور أن ذلك لسيده الأول، وله مثلُ ذلك في رسم القضاء العاشر من سماع أصبغ من كتاب الخدمة، وخلافُه مثلُ قول مالك الآخر في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب الخدمة أيضا، وعلى هذا الأصل اختلف أيضا في الرجل يُخْدِمُ عبده رجلا سنة ثم هو له بعد السنة هل يباع قبل تمام السنة في دينه أم لا؟ فقال في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الخدمة: إنه لا يباع في دينه حتى تنقضي السنة وتجب له، وخالف في ذلك ابن حبيب فقال: إنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015