مثله كنحو هذه المسألة في اشتراط رب الحائط تمر النخلات من حائطه على المساقيَ؛ لأنه كأنه ساقاه فيما على النخلات التي استثنى ثمرتها على أن يسقي له النخلات التي استثنى ثمرتها، فهي زيادة في عمل المساقاة لم يخرجا بها عن سنة المساقاة، فإن عثر عليها قبل العمل فسخت، وإن لم يعثر عليها إلا بعد العمل رُدّ إلى مساقاة مثله فيما عدى النخلات التي استثنى رب الحائط ثمرتها، ويكون له أجرة مثله في سقي تلك النخلات، وكذلك إذا ساقاه في حائط على أن يكفيه مؤنة حائط آخر حسبما يأتي في رسم سلف من سماع عيسى، وكذلك إذا ساقاه في الحائط على أن يكون ثمر البرني بينهما وما سواه فلرب الحائط، قاله ابن حبيب، ولو ساقاه فيه على أن يكون ثمر البرني بينهما وما سواه فللعامل لوجب على قياس ما قلناه أن يرد في الجميع إذا فات إلى إجارة مثله، ولم ينص في المدونة على الحكم في ذلك، إنما وقع وإنما قال إن ذلك لا يجوز إلا أكثر وأما إجازته اشتراط سقي الجداول عليه إن كانت يسيرة فهو من العمل اليسير الذي جوزوا استئصاله وبالله التوفيق.
ومن كتاب الشجرة وسئل عن الرجل يبيع حائطه ويستثني أوْسُقا أقل من الثلث فيصاب الحائط بنصف الثمرة فيريد المبتاع أن يضع عنه نصف ما استثنى عليه أترى ذلك؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: مثلُ هذا في كتاب ابن المواز: وقال إن أشهب وابن عبد الحكم رويا عن مالك مثلَه، وقال إن أجيحَ أقلُّ من الثلث أخذ البائع بما سَلِمَ جميع ما استثنى، وهذا كله صحيح على القول بأن المستثنى بمنزلة المشتري؛ لأنه إذا باع حائطه واستثنى منه عشرة أرَادِب فكأنه في التمثيل على هذا القول قد باع جميع الثمرة وفيها ثلاثون إردبا بعشرة دنانير وبالعشرة الأرادب التي استثنى، فإن أجيح من ثمر الحائط وهو على ما نزلناه