النظر مِمَن حمل قوله على ظاهرة من أنه يرجع عليه بمثل سدس الثمرة أن المساقاة لا تجوز لأنه يصير كأنه ساقاه الحائط على نصف ثمرته وعلى مثل سدس ثمرته يدفعها إليه من حائط آخر فكيف بهذا؟ وبالله التوفيق.
ومن كتاب كتب عليه ذكر حق قال مالك: لا ينبغي للمساقي أن يشترط ثمر نخلة واحدة، ولا مقارض أن يشترط ربح دينار واحد، ولا ينبغي للمساقي أن يشترط ما على ربيع الماء من النخل ولا بأس أن يشترط الجداول أن يسقيها إذا كانت يسيرة.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال من أنه لا ينبغي أن يشترط رب الحائط على العامل ثمر نخلة من الحائط، ولا ما على ربيع الماء منه؛ لأن المساقاة عقد على حياله مستثنى من الأصول أُجِيزَ لضرورة الناس إلى ذلك وحاجتهم إليه، إذ لا يمكن الناس على حوائطهم بأيديهم، ولا بيع الثمر قبل بدو صلاحها فضلا عن بيعها قبل أن تخلق للاستيجار من ثمنها على ذلك إن لم يكن لهم مال، فلهذه العلة رخص في المساقاة مع اتباع السنة في مساقاة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أهلَ خيبر، فلا يجوز إِلّا على ما جوزته السنة من أن يساقيه في الحائط بأن يدفعه إليه كما هو، وبعماله إن كان لَهُ عمال من دواب أو غلمان على أن يكفيه سقيه وعمله بجزء من ثمرته، غير أن أهل العلم استخفوا اليسير من العمل، أو من آلَتِهِ من الحديد وشبهه يشترطه من وجب عليه منهما على صاحبه كالدابة والغلام في الحائط الكبير، فيشترطه العامل على رب الحائط وكنجم العين وسد السرب وإصلاح الشيء اليسير وما أشبه ذلك يشترطه رب الحائط على المساقي، فإن وقعت المساقاة بينهما على أن اشترط أحدهما على صاحبه من العمل ما لم يجوزه أهل العلم، وفات العمل رد إلى مساقاة