أن لا يأتي بمن يشهد له، ولا يشبه قوله، حسبما مضى تحصيل القول فيه في سماع عبد المالك بن الحسن، من كتاب الأقضية، وقد مضى منه في رسم القبلة قبل هذا، وبالله التوفيق.
مسألة
وسئل مالك عن الرجل تكون بيده الأرض يزرعها في حياة أبيه زمانا يحوزها، ثم يهلك أبوه، فيقول: قد حزتها، وهي لي، قال مالك: ليس له ذلك إلا ببينة، أرأيت لو كان أبوه حيا، ثم قال ذلك، أكان ذلك له إلا ببينة؟ ومن ذلك أن يكون الولد في مال أبيه يدبر أمره، فهو وغيره ممن لا يدبر، بمنزلة واحدة، فقيل له: يا أبا عبد الله، فإن كان أجنبيا من الناس، قال ذلك أقوى أن يقول: اشتريت، ومات الشهود، وطال الزمان، فقيل له: أفترى ذلك للأجنبي؟ فوقف ولم يقض فيها بشيء، وكان رأيه أن يراه قويا. قال ابن القاسم: وهو رأيي، قال الإمام القاضي: مجرد الحيازة، لا ينقل الملك عن المحوز عليه إلى الحائز باتفاق، ولكنه يدل على الملك، كإرخاء الستر، ومعرفة العفاص والوكاء، وما أشبه ذلك من الأشياء، فيكون القول بها قول الحائز مع يمينه؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من حاز شيئا عشر سنين فهو له» ؛ لأن المعنى عند أهل العلم في قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هو له، أي إن الحكم يوجبه له بدعواه، فإذا حاز الرجل مال غيره في وجهه مدة تكون فيها الحيازة عاملة، وهي عشرة أعوام، دون هدم ولا بنيان، أو مع الهدم والبنيان، على ما نذكره من الخلاف في ذلك بعد هذا وادعاء ملكا لنفسه، بابتياع أو هبة أو صدقة، وجب أن يكون القول قوله في ذلك مع يمينه.
واختلف إن كان هذه الحائز وارثا، فقيل: إنه بمنزلة الذي ورث ذلك عنه، في مدة الحيازة،