الغلة له من حينئذ. وعلى القول الثالث يجب له الرجوع عليه بما أنفق منذ وقف، بشهادة الشاهد الواحد، لوجوب الضمان عليه، وكون الغلة له من حينئذ. وقد فرق في رسم حمل صبيا من رواية عيسى، عن ابن القاسم، من كتاب الدعوى والصلح، بين النفقة والضمان والغلة. فقال: إن النفقة ممن تصير إليه، والغلة للذي هي في يديه؛ لأن الضمان منه، وساوى بين ذلك عيسى من رأيه، وهو القياس، وكذلك ظاهر المدونة أنه مفرق بين النفقة والغلة. والصواب أن لا فرق بينهما، وفي أن يكونا تابعين للضمان، إما من يوم وجوب التوقيف بشهادة شاهد واحد، وإما من وجوبه بشهادة شاهدين، وإما من يوم القضاء والحكم، وبالله التوفيق.
ومن كتاب يسلف في المتاع والحيوان المضمون قال مالك في العبد يدعي الحرية ويذكر بينة غائبة، والجارية مثل ذلك، قال مالك: لا أرى أن يقبل قول العبد، إلا أن يأتي ببينة، أو أمر يشبه فيه وجه الحق، فإن أتى بذلك، رأيت له ذلك، وإني لأستحب في الجارية أن يوقف صاحبها عنها، وإن كان مأمونا أمر أن يكف عن وطئها، وإن كان غير مأمون؛ إذا جاءت بأمر قوي في الشهادة، رأيت أن توضع علي يدي امرأة، ويضرب في ذلك أجل الشهرين والثلاثة، مثل الشاهد والعدل البين العدالة.
قال محمد بن رشد: قوله لا أرى أن يقبل قول العبد إلا أن يأتي ببينة، أو أمر يشبه فيه وجه الحق، فإن أتى بذلك، رأيت له ذلك، كلام وقع على غير تحصيل؛ إذ لا يصح أن يقبل قول العبد فيما ادعاه من الحرية، إلا إذا أتى على ذلك ببينة عدلة، لا إذا أتى على ذلك ببينة غير عدلة، أو بأمر يشبه فيه وجه الحق، والحكم في ذلك يفترق بين أن يأتي على دعوى بينة غير عدلة، أو بشاهد واحد عدل، وبين ألا يأتي بمن يشهد له ويشبه قوله، وبين