قال الإمام القاضي: قول ابن نافع هو الصحيح في النظر الجاري على الأصول.
وأما تفرقة مالك بين المتهم في ذلك فهو استحسان على غير حقيقة القياس، وإنما يرجع الأمر في ذلك إلى اعتبار الخلطة، فإذا قلت إنها قد حصلت بينه وبين الصراف بقبض الدراهم عنده وجبت له عليه اليمين وهو قول ابن نافع، وإن قلت: إنها ليست بخلطة فلا يحلف في وجه القياس كان متهما أو لم يكن، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن رجل تصدق بمال له أو أعتق عبدا له ثم مكث حينا ثم إن الغرماء قاموا عليه فلم يجدوا له شيئا غير ذلك الذي تصدق به أو العبد الذي أعتق، كيف يفعل به؟
قال مالك: أما الصدقة فإن جاء الغرماء بالبينة أنه تصدق بها يوم تصدق وهو لا وفاء عنده فيما يرون ردت الصدقة ولم تجز وإلا جازت، وأما العبد فلا يرد عتقه؛ لأن شهادته قد جازت وتمت حرمته وصار حرا جرت عليه الحدود وله.
قال ابن القاسم في الصدقة: إذا لم يعلموا بالصدقة وأقاموا البينة على أنه لم يكن له وفاء يوم تصدق به ردوا منها قدر حقوقهم وكان ما بقي لمن تصدق به عليه، وإن علموا كانت الصدقة جائزة لمن تصدق بها عليه ولم يرد منها شيئا.
قال محمد بن رشد: الذي يعرف من قول ابن القاسم وروايته عن مالك أن العبد يرد عتقه أيضا إذا أعتقه وهو مستغرق الذمة بغير علم الغرماء كالصدقة سواء، ورواية أشهب هذه أن العتق لا يرد لحرمته وجواز شهادته استحسان، ومعناه: إذا طالت المدة، وهو قول مالك في كتاب ابن المواز إن العتق لا يرد علم الغرماء به أو لم يعلموا إذا طال ذلك وولد له الأولاد.
والوجه في ذلك: أن المدة إذا طالت احتمل أن يكون الغريم قد أفاد فيها مالا ثم ذهب ولم يعرف، فلم ير أن يرد العتق الذي قد تمت حرمته إلا بيقين، وهو أن يقوم الغرماء بعقب العتق.
وقد تأول أن قول ابن