يلي نفسه وليس بسفيه ولا ضعيف العقل فذلك جائز، وإن كان لا يلي نفسه وهو سفيه مأخوذ على يديه فليس ذلك له، فقال الرجل: أله أن يخرج عني ويدعني؟
فقال: نعم ذلك له إن كان غير سفيه وهو رجل يسافر ويخرج إلى العراق، فإذا كان قد بلغ ولم يكن سفيها ولا مأخوذا على يديه فذلك له، وإن كان سفيها أو ضعيفا يخاف عليه فليس له ذلك.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إن المالك لأمر نفسه له أن يذهب حيث شاء وليس لأبيه أن يمنعه من ذلك، وأما السفيه الذي لا يملك ماله ويخشى منه أبوه أو وليه السفه في ذاته والفجور بانفراده فله أن يضمه إلى نفسه ويمنعه من السفر والمغيب عنه.
واختلف في السفيه في ماله المأمون في نفسه وذاته، فقيل: إن للوالي أن يضمه إليه ويمنعه من الذهاب والسفر حيث شاء، وهو قول مالك في هذه الرواية، وقيل: ليس ذلك له، وهو ظاهر قول مالك في كتاب النكاح من المدونة إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء على ما تأوله عليه ابن أبي زيد من قوله، يريد بنفسه لا بماله، وبالله التوفيق.
ومن كتاب الأقضية الأول وسئل مالك: عن رجل أسلف رجلا أربعين درهما أمر له بها عند صراف فقبضها منه، فلما تقاضاه إياها قال دفعتها إلى الصراف حسبته لك وكيلا.
فقال: ما شأنه وشأن الصراف، ذلك عليه.
قيل: أترى أن يحلف له الصراف إن جحده؟
فقال: ذلك يختلف، إن كان متهما رأيت أن يحلف هذه شبهة، وإن لم يكن متهما لم أر أن يحلف.
قال سحنون: وقال ابن نافع: ويحلف له الصراف على كل حال.