فأراد شراءها منه، فقال له البائع: إني أخاف أن تقاصني بثمنها وأنا إنما أريد أن أبيعها لحاجة كذا وكذا، قال: فإني لا أقاصك بثمنها، فاشتراها منه على ذلك، ثم أراد مقاصته بثمنها وللناس عليه ديون سوى دينه كثرة إلا أنه لم يفلس، أترى أن يقاصه؟
قال: نعم، أرى ذلك له إن ألح على ذلك.
قيل له: إنه قد اشترى على أن لا يقاصه وعلم أنه إنما يبيعها لأمر سوى أمره فاشتراها على ذلك، فقال: أرى ذلك له، وهو يقول: إنما اشتريت منك لأقاصك ولأستوفي حقي من تحت يدي، فإني أرى ذلك، فروجع فيها، فقال: قد أنباتك بالذي قبلي.
قال الإمام القاضي: قد اختلف وجوب الحكم بالمقاصة، فقيل: إنه لا يحكم بها، وهي رواية زياد عن مالك، وظاهر مسألة كتاب الصرف من المدونة، والمشهور أنه يحكم بها.
واختلف على هذا القول إذا بايعه بشرط ألا يقاصه على ثلاثة أقوال: أحدها هذا: أن الشرط غير عامل، والثاني: أنه عامل، والثالث: أن البيع فاسد إذا كان الدين حالا؛ لأنه إذا اشترط ترك المقاصة، فكأنه شرط أن يؤخره بالدين فيدخله البيع والسلف.
فإذا قلنا: إن البيع جائز والشرط عامل فيلزمه أن يؤخره قدر ما يرى؛ لأن قوله: لا أقاصك، بمنزلة قوله: أؤخرك، إذ لا يكون له أن يترك مقاصته ثم يطالبه برده إليه في الحين، كالذي يسلف الرجل سلفا حالا ثم يطالبه بأدائه في الوقت.
وقد مضى القول على هذه المسألة مستوفى في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب النذور، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن رجل كان له على رجل دين فقضاه إياه وأشهد على ذلك شاهدين، فأقام شهرا ثم جاءه يتقاضاه