قال محمد بن رشد: تكررت هذه المسألة في آخر السماع، والمعنى فيها أنه حكم للعطاء بحكم الدين الثابث في الذمة في أن مصيبته ممن اشتراه إن مات الذي عليه الدين أو فلس، ومعنى ذلك في العطاء المأمون، فإذا تعين على هذا في العطاء بأن يشتري سلعة بدين على أن يقضيه من عطائه إذا خرج فلم يخرج بطل حقه، وإن خرج بعضه حل عليه من الدين بحساب ما خرج منه على ما يأتي في آخر السماع.
وكذلك لو اشترى العطاء فلم يخرج لم يكن له على هذا القول شيء، وقد قيل: إنه إذا تعين في عطائه أو باعه كان ذكر العطاء كالأجل وتعلق ذلك بذمته إن لم يخرج العطاء أو مات قبل خروجه، وهو اختيار محمد بن المواز وقول مالك في رواية أشهب عنه في الواضحة، وهذا القول يأتي على قياس قول غير ابن القاسم في المدونة في الذي يشتري السلعة بدنانير له غائبة - أنه ضامن لها إن تلفت وإن لم يشترط الضمان، ويأتي على قياس قول ابن القاسم في هذه المسألة ألا يجوز التعيين في العطاء إلا بشرط الحلف.
فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: أن البيع لا يجوز إلا بشرط الضمان لمن لم يخرج العطاء، والثاني: أنه جائز والحكم يوجب الضمان، والثالث: أنه جائز ولا يلزمه الضمان، وأما العطاء الذي ليس بمأمون فلا يتعين فيه حق من ابتاعه أو تعين فيه باتفاق، ويختلف هل يجوز ذلك بغير شرط الحلف أم لا على قولين، ويحتمل أن يلفق بين الروايات بأن تحمل هذه الرواية على العطاء المأمون، وما في الواضحة واختيار ابن المواز على العطاء الذي ليس بمأمون، فلا يكون في المسألة اختلاف إلا في جواز البيع ابتداء بغير شرط الخلف في العطاء الذي ليس بمأمون. وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عمن كان له على رجل مال فلقيه ومعه سلعة يبيعها