فشهد بذلك فلا يقبل، ولا من كل من شهد لما يحسن من حال نفسه يوم يشهد بالشهادة الآخرة، قال: ولا شهادة للصبيان في موضع يحضره الكبار؛ لأنهم إنما جازت شهادتهم بحال الضرورة إليها.
قال محمد بن رشد: قد مضى تحصيل القول في هذه المسألة، في آخر سماع أشهب مستوفى، فليس لإعادته معنى، وهو قول سحنون في صدر هذه المسألة، في شهادة الصبايا أن ذلك يعتبر فيهن صغارا بشهادتهن كبارا، فشهادتهن في الجراح والقتل جائزة، إذا كان ذلك خطأ؛ لأنه يصير مالا، فشهادتهن في الأموال جائزة، فحيث تجوز شهادتهن كبارا، جازت شهادتهن فيه صغارا خلاف ما تقدم له في أول سماعه، من أن شهادة النساء في جراح العمد جائزة، وحيث يكون اليمين مع الشاهد، وقد مضى هنالك من تحصيل مذهبه في ذلك، ومذهب ابن القاسم، ما لا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
وقوله بعد ذلك: ولا تجوز شهادة الصبيان إذا حضر معهم رجل كبير واحد معناه إذا كان عدلا، وكذا في الواضحة لابن الماجشون، وهو مذهب سحنون؛ لأنه متبع له فيه في جميع وجوهه، من ذلك قوله: إن شهادة الصبيان بجرح بأن يشهد العدول، بأنها لم تكن خلاف قول أصبغ في نوازله بعد هذا، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل المغيرة عن المرأة تتوفى، وليس لها وارث إلا بنات، فشهد أخوها وزوجها معه أنها كانت حلفت في شيء بعتق لتفعلنه، وأنها لم تفعله حتى ماتت، أتجوز شهادة أخيها، وزوجها معه أو ترد لجره الولاء إلى نفسه بشهادته؟ قال: لا تجوز شهادته، قلت: فهل يعتق عليهما حصتهما في الرقيق؟ فقال: نعم، يعتق عليهما، قيل: فهل يقوم عليهما ما بقي؟ قال: لا، وكان مالك لا يرى أن يعتق عليهما.