الشاهد العدل الكبير لا يجرح بأن الذي شهد به لم يكن، ولا يجرح إلا بما يكون به غير عدل فيما شهد به من الظنون والأسفاه، قيل له: فإن سئل الذي شهد، وهو صبي عن شهادته بعد بلوغه وعدله، وقبل الحكم بها، فشك فيها هل يضرها ذلك؟ فقال: لا يسأل عنها، ولو شك ما ضرها ذلك؛ لأنه لا يحتاج منه فيها يوم يشك إلى شيء، ولأن الشك منه ليس بشهادة منه على نفسه بأنه شهد بباطل، وإنما جعلت رجعته عنها كمثل شهادة الكبير بأن الذي شهد به الصبي لم يكن، فهو حين شك لم يشهد بباطل ما كان قيد من شهادته وهو صغير، قال: ولو كان قيدت شهادتهم على أمر، ثم شهد قبل الحكم، وبعد البلوغ والعدل منهم اثنان، أن الذي شهدنا نحن وهم به من ذلك الأمر باطل أسقطت شهادتهما، الشهادات كلها منها ومن غيرها؛ لأن شهادة الصبيان إذا شهد كبير أو عدلان أنها لم تكن تسقط. قيل له: فإن كان صبيان جميعا اختلفوا، فشهد اثنان بأن صبيا قتل صبيا، وشهد آخران ليس منهما القاتل أن دابة أصابته جبارا؟ فقال: تمضي شهادة الصبيين اللذين شهدا على الصبي بالقتل؛ لأنهم إذا كانوا صبيانا جميعا في حال شهادتهم كانوا كالكبار، لا يبطل ما شهد به الكبير بأن يشهد كبير مثله أن الذي شهد به لم يكن قبل، فشهادة الصبيين اللذين شهدا في صغرهما أنه أصابته دابة جبارا لو شهدا أيضا بعدما بلغا أن الذي شهد به الصبيان اللذان شهدا أن صبيا قتله باطل أن دابة أصابته فقتلته، كما كانا شهدا، وهما صبيان، فلم يؤخذ بقولهما، وأخذ بقول غيرهما، قال: لا تكون شهادتهما اليوم جائزة؛ لأنه من شهد فلم تؤخذ شهادته في حال، ثم حدث له حال غيرها، فشهد بما لم يكن أخذ من شهادته مثل عبد شهد، فلم يقبل فيعتق فجاء بها لا تؤخذ منه، ومثل من شهد وهو غير عدل، فلم يقبل فحسنت حاله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015