قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة في المعنى، لا وجه للقول فيها، والله الموفق.
مسألة قيل له: فرجل شهد له شهود بأنه حاز رهنا، وشهد له آخرون بأنه لم يحزه، قال: شهادة من شهد له بالحوز هي المأخوذ بها، ولا يخرج حق أحد من يديه بأن يشهد عليه بأنه ليس بيده، وشهادة من أحقه ماضية، إلا أن يخرج من الشهود من لا مخرج له من شهادته إلا بجرحة.
قال محمد بن رشد: الجواب في هذه المسألة صحيح؛ لأن المعنى فيها أن المرتهن للرهن قبل قيام الغرماء على الراهن قام بعد قيامهم عليه، والرهن بيده، فادعى أنه حازه حين ارتهنه قبل قيام الغرماء على الراهن، وشهد له بذلك شهود، وشهد آخرون له أنه لم يحزه إلا بعد قيام الغرماء عليه، فوجب أن تكون شهادة من شهد بالحوز القديم أعمل؛ لأنها علمت من الحوز ما جهل الشهود الآخرون منه.
وقوله: ولا يخرج حق أحد من يديه بأن يشهد عليه أنه ليس بيديه معناه بأن يشهد عليه، بأنه ليس بيده باحتياز صحيح؛ لأن الشهود لم يشهدوا أنه ليس بيديه، وإنما شهدوا أنه لم يحزه قبل قيام الغرماء على الراهن، ولو ادعى المرتهن أن الرهن بيده، وأقام بينة على أن قد حازه قبل قيام الغرماء على الراهن، فقال الغرماء: ليس الرهن بيده، وأقاموا بينة على أنه لم يحز الرهن لوجب أيضا أن تكون بينة المرتهن أعمل؛ لأنها شهدت له بالحيازة، فهي محمولة على أنها بيده، من حينئذ حتى يثبت رجوعها إلى يد الراهن، وقد اختلف إذا ألفي الرهن بعد قيام الغرماء بيد المرتهن، فادعى أنه احتازه قبل قيام الغرماء وكذبه الغرماء على قولين قائمين