الطالب إن ادعى الذي شهد به الشاهد الواحد حلف مع شاهده، واستحق حقه لا يصح على مذهب ابن القاسم؛ لأن الشاهدين يسقطان شهادة الشاهد الواحد كما يسقطان شهادة الشاهدين لو كانا أربعة، فشهد اثنان منهم ببغل واثنان بحنطة، وزعموا أنها شهادة واحدة، وإنما يأتي قول سحنون في هذه المسألة على قول مطرف وابن الماجشون في أن شهادتهما جميعا جائزة، فيقضى للطالب بالبغل والحنطة، وأما الشاهد الواحد فلا تسقط بشهادته شهادة الشاهدين إذا خالفهما في الشهادة، ولا شهادة الشاهد الواحد إذا خالفه في الشهادة، وإنما تبطل بتكذيب الطالب إياهم بدعواهم أنهما حقان، وهم يزعمون أنه حق واحد.
وأما قوله: ولم أر عليه يمينا فيما يجحده فيما شهد له به الشاهد؛ لسقوط شهادته، فقد مضى القول على ذلك، وذكر الاختلاف فيه في رسم الشجرة، من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته.
وأما قوله: إلا أن يأتي بشاهد سوى شاهده بخلطة، لا يعرف لها منتهى إلى آخر قوله، فقد مضى القول عليه مستوفى في رسم الصبرة، من سماع يحيى، وفي كتاب في سماع أصبغ منه، فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق.
مسألة قلت لسحنون: أرأيت الرجل يجعل المتاع على يديه رهنا على أنه إن لم يقض الراهن الدين إلى الأجل باع عليه الرهن هذا الأمين الذي جعل الرهن على يديه، فلما حل الأجل لم يكن لصاحب الحق شاهد على الدين، وعلى الرهن إلا العدل الذي جعل الرهن على يديه، فشهد له العدل عند القاضي أن هذا المتاع جعله فلان عندي رهنا على أن أبيعه، وأقضي ثمنه فلانا غريمه، هل تجوز شهادته؟ قال: أرى شهادته جائزة، ويحلف صاحب الحق مع شاهده إذا شهد بها العدل عند القاضي قبل أن يبيع المتاع، فإن شهد بها بعدما باع المتاع لم تجز شهادته؛ لأنه يريد طرح الضمان عن نفسه، ويشهد لنفسه أنه لم يتعد فيما صنع.