آثم بإجماع مجرح ساقط الشهادة، وإن لم يقم لنا دليل أنه آثم فيما دون السبعين، فإذن أسقط سحنون شهادته فيما قاربها من الستين من أجل أن من شرط الشهادة أن يكون مرضيا بما يظهر من أفعاله؛ لقول الله عز وجل: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، ومن أخر الحج تأخيرا كبيرا من غير عذر، فليس بمرضي في ظاهر أمره، وإن لم يكن آثما عند ربه بما له في ذلك من السعة باختلاف أهل العلم، وفي المدنية لابن دينار، وابن القاسم من رواية عيسى عنه أن الشيخ الكبير الذي لم يحج وهو موسر، شهادته جائزة؛ لأنه عسى أن يكون له علة، ويقول: أحج بعد اليوم، وهذا صحيح إذا ادعى أن له علة، وأما إن أقر أنه لا علة له، ولم يحج، وهو شيخ كبير، قد تجاوز حد التعمير؛ فشهادته ساقطة على كل حال؛ لأن للواجب على التراخي حالا يتعين فيها الأداء، وهي الحال التي يغلب فيها على ظن المكلف فوات الفعل بالتأخير، وهو بلوغ حد التعمير في مسألتنا هذه، وقوله في أهل الأندلس: إنه لا عذر لهم في ترك الحج بسبب البحر؛ لقدرتهم على الانتقال إلى موضع لا يكون بينهم وبين الحج بحر؛ معناه أنهم إن كانوا من أهل الأندلس بموضع يتعذر الجواز منه، فإنهم يقدرون على الانتقال منه إلى موضع لا يتعذر الجواز منه، فإنما تكلم والله أعلم على ما وصف له من تعذر الجواز في البحر في موضع دون موضع، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل سحنون عن الذي لا يؤدي زكاة ما له، هل يكون ذلك جرحة يطرح بها علمه؟ فقال: نعم، لا شك فيه.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه لا شك فيه؛ لأن الله قد قرن