المسلمين واجب، وإذا كان المنع من إذايتهم بريح الثوم واجبا بالسنة، فأحرى أن يكون واجبا من إذايتهم بمخالطة الجذماء لهم، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلول الممرض على المصح، وفي قول عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمجذومة: يا أمة الله لا تؤذي الناس - دليل على أنه أراد بقوله لها: لو جلست في بيتك، الأمر لها بذلك والقضاء عليها به، لكنه رفق بها في الأمر رحمة بها وحنانا عليها، وتوسم فيها أنها تكتفي بذلك وتنتهي فلم تخب فراسته فيها وأطاعته حيا وميتا.
واختلف في إخراجهم عن الحاضرة إلى ناحية منها، قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: أما الواحد والنفر القليل من المرضى فلا يخرجون عن حاضرة ولا عن قرية، ولا عن سوق ولا عن مسجد جامع ولا غير جامع، فإذا كثروا في الحاضرة اتخذوا لأنفسهم موضعا كما صنع بمرضى مكة عند النعيم موضعهم وبه جماعتهم، وأما مرضى القرى فإنهم لا يخرجون عنها وإن كثروا، إلا أنهم يمنعون من أذاهم في مسجدهم إذا شكوا ضرر ذلك بهم، وقال أصبغ: لا يقضى عليهم في الحاضرة بالخروج إلى ناحية منها ولكن إن كفوا مؤناتهم يجرى ذلك عليهم منعوا من مخالطة الناس بلزوم بيوتهم أو التنحي ناحية.
قال عبد الملك: والحكم عليهم بتنحيتهم ناحية إذا كثروا أحب إلي، وهو الذي عليه الناس.
قال مطرف وابن الماجشون: ولا يمنعون من الأسواق لتجارتهم وما يحتاجون إليه من حوائجهم والتطرق للمسألة إلا أن يجري عليهم الإمام أرزاقهم من فيء المسلمين، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل ابن وهب: عن بيع رقيق اليهود من النصارى أو بيع رقيق النصارى من اليهود، فقال: أكرهه للعداوة التي بينهم، وسئل عنها سحنون فقال مثله.