قال محمد بن رشد: هذا كما قال إنه إذا كان له مال أمر بأن يشتري لنفسه من يقوم بأمره ويخرج له ويستسقي له ماءه أو يستأجر له من يفعل له ذلك كله، فإن لم يكن له مال كان من الحق على الإمام أن يقوم له بذلك من بيت مال المسلمين؛ لأن استسقاءه الماء معهم من مائهم ضرر بهم، فإن لم يكن ثم إمام يقوم له بذلك لم يمنعوا من استسقاء الماء فيموتوا عطشاء، ولا من مخالطة الناس في مجتمعاتهم وأسواقهم لسؤالهم وقضاء حوائجهم فيهلكون ضياعا، وإنما اختلف في منعهم من المساجد والجوامع.
فقال عيسى بن دينار في نوازله من هذا الكتاب، وفي بعض الروايات: إنهم لا يمنعون من ذلك بحكم؛ لأن عمر بن الخطاب لم يعزم بالنهي على المرأة المجذومة التي رآها تطوف بالبيت مع الناس، وإنما قال لها: يا أمة الله لو جلست في بيتك كان خيرا لك. ونحو ذلك حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون: أنهم لا يمنعون من مساجد الجماعة لشهود الجمعة المفروضة لأنها على من قوي على شهودها، كما هي على غيرهم، قال: وأما غير الجمعة فلا بأس أن يمنعوا إلا الواحد بعد الواحد، وقال سحنون فيه: يمنعون من ذلك وتسقط إلا الواحد بعد الواحد، وقال سحنون فيه: يمنعون من ذلك وتسقط الجمعة عنهم، واستدل على ذلك بحديث النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مساجدنا يوفينا بريح الثوم» .
وبحديث عمر في قوله للمرأة المجذومة: لو جلست في بيتك كان خيرا لك؛ لأنه قضى في طلبها فجلست في بيتها، فلما مات قيل لها: إن الذي نهاك قد مات، فقالت: ما كنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا.
وقوله أظهر؛ لأن المنع من إذاية