مسألة قال سحنون: من الحجة على أهل العراق في القضاء على الغائب أن يقال لهم: أرأيت إذا قامت المرأة طالبة النفقة على مال زوجها، فمن قولهم: إنه يحكم لها بالنفقة وهو غائب، ومن الحجة عليهم أن الغائب لو وكل وكيلا على بيع ماله، فأقام الوكيل على وكالة الغائب إياه البينة، أيكون له البيع؟ فمن قولهم: أن نعم، فإذا أمكن الوكيل من البيع والتقاضي، فقد أجازوا الحكم على الغائب.
قال محمد بن رشد: أهل العراق لا يرون أن يحكم على الغائب، لا في الأصول، ولا في العروض، وسحنون يذهب إلى أنه يحكم عليه في جميع ذلك، وحجته على أهل العراق ما ذكره، ومالك يرى أن يحكم عليه في العروض، ولا يحكم عليه في الأصول، إلا أن تكون الغيبة بعيدة منقطعة، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة، في رسم سن، من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته، ومضى أيضا في رسم الكراء والأقضية، من سماع أصبغ، طرف من التكلم عليها، وبالله التوفيق.
مسألة قلت: فالرجل إذا أوجب نفقة أبوية، أواجب عليه أن يضحي عنهما؟ قال: لا، وليس عليه أن يضحي عن امرأته، وذلك قول مالك.