من تفسيره بقول سحنون، وهذا في البيوع والطلاق والعتق والحدود.
وأما فيما يتظالمون به، فلا اختلاف بين أحد من أهل العلم في أنه يجب عليه أن يحكم بينهم فيه، وإن لم يتحاكموا إليه، ولا رضوا بحكمه، وقد ذهب بعض أهل العراق إلى أنه يجب عليه أن يحكم بينهم إذا جاءوه ورضوا بحكمه، ومنهم من قال: إنه يجب عليه أن يحكم عليهم في الحدود شاءوا أو أبوا، وإن لم يحكموه ولا رضوا بحكمه.
ففي الحدود التي يجب على الإمام أن يحكم فيها على المسلمين وإن لم يترافعوا إليه فثلاثة أقوال؛ أحدها: أنه يجب عليه أن يحكم عليهم فيها، وإن لم يحكموه. والثاني: أن ذلك لا يجب عليه إلا أن يحكموه. والثالث وهو مذهب مالك: أن ذلك لا يجب عليه وإن حكموه.
وفي البيوع والنكاح والمعاملات وما أشبه ذلك، مما لا يجب على الإمام أن يحكم فيه على المسلمين إلا أن يترافعوا إليه قولان؛ أحدهما: أنه يجب عليه أن يحكم بينهم فيما إذا ترافعوا إليه ورضوا بحكمه. والثاني وهو مذهب مالك: أن ذلك ليس عليه بواجب، وله أن يحكم؛ لقول الله عز وجل: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: 42] الآية وأما ما يتظالمون به، فلا خلاف بين أحد من المسلمين في أنه يجب عليه أن يحكم عليهم فيه، ويمنع من التظالم بينهم، شاءوا أو أبوا. وقد مضى في رسم لم يدرك، من سماع عيسى، من كتاب التجارة إلى أرض الحرب في هذه المسألة زيادة بيان، وبالله التوفيق، وهذه المسألة وقعت في بعض الروايات في أول نوازل سحنون هذه.