اختلفوا فيمن اكترى دابة إلى بلد، فرجع من الطريق، هل له أن يركبها في مثل ما بقي منه، فقال ابن نافع: ليس ذلك له، وعليه الكراء كاملا، وقال ابن القاسم: إن كان إنما سار البريد والبريدين وما أشبههما، فله أن يركبها أو يكريها إلى مثل ما قصر عنه من سفره، إلا أن يتراضيا على شيء معلوم، وإن كان سار جل الطريق، ثم ردها رأيت جميع الكراء لصاحبها.
وقع قول ابن نافع، وابن القاسم هذا، في آخر سماع عيسى، من كتاب كراء الرواحل والدواب في بعض الروايات، وقد اختلفوا على هذا الأصل فيمن استعار دابة إلى موضع، فركبها إلى موضع غيره مثله في الحزونة والسهولة والبعد فهلكت، روى علي بن زياد، عن مالك، في سماع سحنون، من كتاب العارية، أنه لا ضمان عليه، وقاله عيسى بن دينار في المبسوطة، وقال ابن القاسم فيها: إنه ضامن، وقوله: إنه إن اشترط عليه النقد على أن يحاسبه إن جاء برقيقه أو وجد حاجته في بعض الطريق؛ أنه لا خير فيه بين لا إشكال فيه على أصولهم؛ لأنه يدخله الأجرة والسلف، ولو اشترط عليه النقد، ولم يشترط المحاسبة سكت عنها لجاز على كلا القولين؛ لأن ما يوجبه الحكم من المحاسبة على أحد القولين، إذا لم يشترطاه لا يتهمان عليه، وبالله التوفيق.
مسألة وقال مالك: من أوصى أخا له أن يشتري له شيئا بالمديونة، فابتاعه بدرهم ونصف، وأعطى في النصف حنطة، قال: يأخذ منه في النصف درهم فلوسا أو عروضا، فإن أخذ حنطة، فلا يأخذ إلا مثل كيل طعامه الذي أعطى.