بطعامه إلى الفسطاط أن يبيعه بالطريق قبل أن يبلغ به الفسطاط لنهي رسول الله عن ذلك وجب ألا يجوز ذلك له وإن نواه، إذ لا تأثير للنية في جواز ذلك، بل ينبغي أن يكون الأمر أشد عليه إذا نواه، إذ لا يجوز لأحد أن ينوي فعل ما لا يجوز له فعله وذلك إذا باعه بالطريق ممن يريده للبيع. وأما إن مر بقرية على أميال من الحاضرة فجائز له أن يبيعهم ما يحتاجون إليه للأكل، فإن نوى قرية فيها سوق جاز أن يبيع طعامه فيه إذا كان جائزا له أن يبيعه فيه وإن لم ينو ذلك عند خروجه، إذ لا تأثير للنية فيما يجوز من ذلك مما لا يجوز منه. وأما إذا اختزنه في الطريق بموضع ليس فيه سوق فقال: إنه إن بدا له أن يبيعه فيه جاز ذلك ولم يكن به بأس، وفي هذا تفصيل، أما إذا باعه من أهل ذلك الموضع ليأكلوه أو ليبيعوه فلا بأس بذلك لأنه قد صار باختزانه في ذلك الموضع كأنه قد أصيب فيه، وأما إن باعه ممن خرج من أهل الحاضرة لشرائه فيجري ذلك محلى الاختلاف في أهل الحاضرة يخرجون إلى الحوائط يشترون من ثمارها أجاز ذلك ابن القاسم ورواه عن مالك، وهو قول أشهب خلاف روايته عن مالك في سماعه من كتاب السلطان أن ذلك لا يجوز، وقد مضى ذلك في رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم.
مسألة وسئل عن رجل اشترى من رجل بعشرة دنانير قمحا فولاه رجلا، فلما أراد أخذ العشرة منه أخذ منه تسعة وقال له: قد تصدقت عليك بالدينار، قال: هذا مكروه، ولا خير فيه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال إن ذلك لا خير فيه لما يخشى من أن يكون قد نوى ذلك عند التولية ولعل المولى قد رجا أن يضع عنه أو فهم ذلك من إرادته فيكون كأنه قد ولاه إياه بأقل مما اشتراه فيكون بيعا له