بصره به صغيره وكبيره فلا أرى به بأسا، قال ابن القاسم: إذا كان شيئا يسيرا فلا بأس به قدر ما لا يكال مما لا يمكن فيه الكيل.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في الكثير من التمر أنه لا يجوز أن يباع عددا لأن الأصل فيه الكيل، فلا يجوز أن يباع وزنا ولا عددا لأن ذلك من الغرر، ولا اختلاف أيضا في اليسير الذي لا يكال ولا يتأتى فيه الكيل أنه يجوز أن يباع عددا كما قال ابن القاسم، وإنما الاختلاف في اليسير الذي يتأتى فيه الكيل ويعرف لقلته بعدده مقدار كيله، فكرهه مالك وأجازه ابن وهب إذا أحاط به بصره صغيره وكبيره يريد فعرف بذلك مقدار كيله، والله أعلم. واختلف في وجه كراهة مالك لذلك، فقيل: لما يقع في ذلك من الجهل وإن قل، إذ لا يعرف حقيقة ما فيه من الكيل بالعدد، وقيل: إنما كرهه لما في الكيل من البركة، روى الحارث عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لصاحب السوق أنهيت الناس عن بيع الرطب عددا؟ قال: نعم، أردت ألا يباع إلا كيلا لما في الكيل من البركة، قال له مالك: إني أكره أن يباع الرطب عددا بالدراهم مثل بيع أهل المدينة.
مسألة وقال في رجل قدم بقمح من الإسكندرية فقال حين خرج: إن أنا وجدت بيعا في الطريق بعته وإلا بلغته الفسطاط، قال: لا يبع في الطريق وليبلغ به الفسطاط إلا أن يكون نوى به إلى قرية فيها سوق فلا بأس أن يبيعه فيها، قيل له فأراد أن يختزنه في منية موسى ثم بدا له أن يبيعه ثم قال: لا بأس به.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ «لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن تلقي السلع وعن بيعها حتى يهبط بها إلى الأسواق» فإذا لم يجد ثمنا خرج