لم يتفرقا ولم يغب على الدينار، فلا بأس به؛ لأن هذا حينئذ باع سلعة ابتداء بستة إلى شهر، فإذا كان الشهر، قاصه بخمسة مما له عليه واسترجع دينارا، فكان ثمن السلعة إنما هو دينار، فلا بأس به.

قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قال؛ لأنهما بيعتان صحيحتان في الظاهر، فإذا ظهر فيهما بمجموعها فساد، اتهما على القصد إليه، فلم يجز ذلك من فعلهما؛ وإذا لم يظهر فيهما بمجموعها فساد، جاز ذلك من فعلهما؛ والمسألة الأولى آل الأمر فيها بينهما إلى أن رجعت للبائع سلعته بعينها، وكان قد دفع إلى المبتاع خمسة نقدا ويأخذ منه إذا حل الأجل أربعة؛ فلا يتهم أحد في دفع خمسة في أربعة، والمسألة الثانية معناها أنه باع السلعة بخمسة نقدا، وخمسة إلى شهر، فانتقد الخمسة وبان بها وغاب عليها، ثم لقيه بعد ذلك فاشتراها منه بخمسة نقدا وستة إلى شهر؛ فوجب ألا يجوز ذلك؛ لأن الأمر آل بينهما إلى أن رجعت إلى المبتاع سلعته بعينها، ودفع المبتاع إلى البائع خمسة نقدا؛ فانتفع بها وردها إليه ويعطيه دينارا إذا حل الأجل، فاتهما على أنهما قصدا إلى أن سلفه خمسة دنانير، على أن يعطيه دينارا إذا حل الأجل؛ فإن كان لم ينقده الخمسة الدنانير، أو كان قد نقده إياها، فلم يغب عليه جاز ذلك؛ لأن الأمر آل إلى أن سلعته بعينها، ويعطيه إذا حل الأجل دينارا دون أن يسلفه شيئا أو يغيب له عن شيء. وقوله فيها واسترجع دينارا، اللفظ وقع على غير تحصيل، إذ لم يدفع إليه شيئا يسترجع منه الدينار، وإنما كان حق الكلام أن يقول فإذا كان الشهر قاصه بالخمسة من الستة التي له عليه وأخذ منه الدينار الزائد. وكذلك قوله فكان ثمن السلعة إنما هو دينار، كلام وقع أيضا على غير تحصيل، والمراد به: فكان الذي ربح معه في السلعة إنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015