وأحدهما أجود من الآخر، فغلط الصباغ، فأعطى صاحب الردي جيدا، وأعطى صاحب الجيد رديا فلم يعلما ذلك حتى لبس كل واحد منهما ثوب صاحبه، فقال: يأخذ كل واحد منهما ثوبه، ثم ينظر ما نقص كل واحد منهما اللبس، فيكون قصاصا بينهما، فإن كان أحدهما قد نقصه اللبس أكثر رجع بالأكثر على العامل، وتفسير ذلك أن يقال: كم نقص اللباس للثوب الذي لبس هذا؟ فإن قيل: نقصه اللبس عشرة دراهم، قيل: فكم نقص هذا الثوب الآخر اللبس؟ فإن قيل: خمسة دراهم، قيل للذي نقص ثوبه عشرة: قد لبست أنت من ثوبه ما نقصه خمسة دراهم، فقد صارت تلك الخمسة قصاصا بخمسة من عشرتك، وبقيت لك تمام عشرة ارجع بها على الصباغ الذي جنى عليك وأخطأ وأعطاك ثوب غيرك.

قال محمد بن رشد: قول سحنون هذا خلاف قول ابن القاسم في أول سماع عيسى؛ لأنه قال: إنهما يتقاصان بما نقص لبس ثوب كل واحد منهما الثوب الذي لبسه، ولم يقل: إنها يتقاصان بما كان ينقص لبس كل واحد منهما ثوبه لو لبسه هذا اللبس كما قال في رواية عيسى، وقوله: إنه يرجع بتمام العشرة على الغسال الذي أخطأ وأعطاه ثوب غيره، معناه: إن اختار الرجوع عليه، فإن رجع عليه رجع الغسال على الاثنين اللابسين، وإن رجع على اللابس لم يكن للابس الرجوع على الغسال ولا على أحد، وقد مضى القول على هذه المسألة مستوفى هناك، فلا معنى لإعادته ولا حول ولا قوة إلا بالله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015