فأراد الخياط أن يستخيطه غيره فمنعه، قال: إن لم يكن شرط عليه أنه يخيطه بيده، فله أن يستخيطه.
قال محمد بن رشد: هذه المسألة قد مضى القول فيها محصلا مستوفى في أول سماع ابن القاسم من كتاب الجعل والإجارة فلا معنى لإعادته.
ومن كتاب الجامع وسئل عن المعلم: هل يذهب إلى قريته لإصلاح ضيعته، فيقيم عن صبيانه اليومين والثلاثة ونحو ذلك، قال: نعم، يفعل ذلك إن شاء، وقد يفعل ذلك القاضي وهو أجير المسلمين، وقاله أصبغ، وقد يستراح بمثل ذلك المرة بعد المرة في القرية.
قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قال: إن الأمر في ذلك واسع؛ لأنه المعروف من الفعل الذي جرى عليه الناس، فالتضييق فيه والتحرج منه من الغلو في الدين والحرج الذي رفعه الله عن عباده المسلمين؛ لقوله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ومن نوازل أصبغ بن الفرج قال أصبغ في الذي يعطى اللؤلؤة ليثقبها فتخرم فإذا انخرمت في موضع الثقب، فلا شيء عليه، وكذلك لو أعطيها يعملها على أجرة أو على غير أجرة إذا تعدى الثقب الفساد، وإذا كان في الثقب لم يكن عليه شيء، وقد قال أصبغ في مسألة الثقاب: الذين يثقبون اللؤلؤ والصياقلة، وجميع الصناع إذا أتى على أيديهم تلف من كسر لؤلؤة أو انقطاع السيف أو انكسر بعض الحجارة الجوهرة مما يجلى أو يثقب، فإنه ما أتى من ذلك على أيدي الصناع في عملهم، فلا شيء عليهم، وإن قال أهل البصارة: إنه أخذها من غير مأخذها وغر من نفسه وظهر فيها أنه لم يأخذها من مأخذها فهو ضامن؛ لأنه ينزل منزلة المتعدي، وإذا أخذها من مأخذها، ولا يغر من نفسه لم يكن عليه ضمان، وقبل قوله بلا بينة