بعيسى والإنجيل يصدق بموسى كما أنهما جميعا يصدقان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فإن وقع ذلك، ففي كتاب ابن سحنون عن أبيه: أنه يجبر على بيعه، وروى ذلك زياد عن مالك، ولا يدخل ذلك من الاختلاف ما دخل في النصراني يشتري المسلم على ما مضى في رسم أوله يشتري الشجرة تطعم بطنين من سماع ابن القاسم، وقد ذهب بعض الناس إلى أن ذلك مخالف لما في سماع ابن القاسم والمدونة من إجازة بيع كبار المجوس من اليهود والنصارى؛ لأن الدينين مختلفان أيضا، وليس ذلك بصحيح، إذ لا تنافس بين المجوس وأهل الكتاب، إذ ليسوا بأهل كتاب، ولا جاء بعداوتهم نص كتاب الله تعالى.
من سماع أصبغ بن الفرج من ابن القاسم من كتاب البيوع الثاني قال يحيى: وسئل ابن القاسم عن العبد النصراني يباع من أهل دينه من أهل الحرب، قال: لا أرى ذلك، أخاف أن يكون عورة على المسلمين، ودليلا على ذلك، ولولا ذلك لم أكرهه إذا ثبت على دينه، وقاله أصبغ.
قال محمد بن رشد: قد بين ابن القاسم وجه كراهيته لذلك بيانا لا زيادة عليه، وبالله التوفيق.
ومن كتاب الجامع وسئل ابن القاسم عن نصراني دفع إلى نصراني طيرا صاده بأن يبيعه ويجعل ثمنه في الكنيسة، فمر به على مسلم فسأله فأخبره قصته، وما أمر به في ثمنه فأراد المسلم شراءه، قال: أرى ذلك خفيفا، قال أصبغ: لا يعجبني ولا أراه في سعة، وأراه في إثم وحرج، وأراه عونا على شرائع الكفر وتعظيم الكنائس وعمارتها، والذي يفعل هذا وشبهه مسلم سوء مريض الإيمان.