قال محمد بن رشد: وهو الصحيح. وإنما غلط علماء البيرة في هذه المسألة من هذه الرواية بحملها على ظاهرها، والله أعلم.
مسألة وقد سئل سحنون عن الدواب تدرس الزرع فتبول فيه، فخففه للضرورة، كالذي يكون في أرض العدو فلا يجد بدا من أن يمسك عنان فرسه وهو قصير فيبول فيصيبه بوله.
قال محمد بن رشد: وإنما خفف ذلك مع الضرورة للاختلاف في نجاسته كما خفف المشي عن أرواث الدواب وأبوالها في الطرقات مع الضرورة إلى ذلك من أجل الاختلاف في نجاستها. وأما ما لا اختلاف في نجاسته فلا يخفف مع الضرورة.
وقد روى سليمان بن سالم الكندي من أصحاب سحنون أنه كان يقول: إذا وقعت القملة في الدقيق ولم تخرج في الغربال لم يؤكل الخبز، وإن ماتت في شيء جامد طرحت كالفارة. وقاله غيره في البرغوث أيضا، وفرق غيره بينهما فقال: إن البرغوث كالذباب الذي يتناول الدم، وأما القملة فهي من الإنسان كدمه.
قال محمد بن رشد: وهذا إغراق إذا كثر العجين؛ لأن القملة لا تنماع في جملة العجين فتنجسه، وإنما تختص بموضعها منه، فإذا تحرم اللقمة التي هي فيها، فلما لم تعرف بعينها لم يجب أن يحرم أكل اليسير منه إذا كثر، كما لو أن رجلا يعلم أن له أختا ببلدة من البلاد لا يعرف عينها، لم يحرم عليه أن يتزوج من نساء تلك البلدة، بخلاف اختلاطها بالعدد