وأما السكران الذي يخطئ ويصيب فلا ينبغي لأحد أن يأكل ذبيحته لأنه لا يدري هل صحت منه النية في الذبح أم لا؛ ولا يصدق في ذلك لأنه ممن لا تجوز شهادته ولا يقبل قوله، ولو أتى مستفتيا في خاصة نفسه يزعم أنه عرف ما صنع وقصد الذكاة بذلك لوجب أن ينوي في خاصة نفسه ويباح له أكل ذبيحته وإن كان في تلك الحال ممن يقع عليه اسم سكران، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] . والخطاب لا يتوجه إلا لمن يعقل، فدلت الآية أن السكران قد يعقل وهذا بين.
مسألة قال ابن القاسم: وسمعت مالكا يقول:، وأما السمن والزيت فلا أرى به بأسا إذا كانت آنيتهم لا بأس بها، فإن كان في آنيتهم بعض ذلك فلا أرى أن يؤكل، وإن شككت في آنيتهم وكانوا يأكلون الميتة فلا أحب ذلك.
قال محمد بن رشد: أما جبن المجوس فبين أنه لا خير فيه لأنه إنما يجعلون فيه من أنافيح ذبائحهم التي لا تحل لنا، فقوله أكره ذلك لفظ فيه تجاوز، وقد روي أن أبا موسى الأشعري، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، كتب إلى عمر بن الخطاب، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، يذكر أن المجوس لما رأوا المسلمين لا يشترون جبنهم وإنما يشترون جبن أهل الكتاب عمدوا فصلبوا على الجبن كما يصلب أهل الكتاب ليشترى من جبنهم، فكتب إليه عمر، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ما تبين لكم أنه من صنعتهم فلا تأكلوه، وما لم يتبين لكم فكلوه، ولا تحرموا على أنفسكم ما أحل الله لكم، قال ابن حبيب: وقد تورع عمر بن الخطاب وابن