مثل قول مالك في هذه المسألة خلاف قول ابن نافع فيها، ولو ذكى الصائد الصيد والكلاب تنهشه وهو لا يقدر على أن يتخلصه منها لأكل باتفاق، فهذه المسألة يفترق فيها الضرورة من غير الضرورة في إعمال التذكية لا مسألة الذبح في الماء، فقف على ذلك واعلمه فإن المعنى في ذلك بين، وهو أن الصيد يؤكل إذا قتلته الكلاب قبل أن يدركه الصائد بخلاف إذا مات في الماء قبل أن يدركه، ولو قتله في جوف الماء بما يقتل به الصيد لم يؤكل لأنه قد صار أسيره، قاله ابن حبيب جعل النهر كالحفرة بخلاف الغيضة والغار، وبالله التوفيق.
مسألة قال مالك في بهيمة طرحت جنينا حيا فذكي وهو يركض، قال: ما أحب أن يؤكل قال، قال مالك وكذلك الذي لم يتم خلقه.
قال محمد بن رشد: قوله لا أحب ليس على ظاهره، ومراده بذلك لا يحل فتجوز في اللفظ وهو بين من إرادته بدليل تمثيله إياه بالذي لم يتم خلقه، ولا يجوز تذكيته إلا أن يعلم أنه لو أرجئ عاش، وأما إن علم أنه لو ترك لم يعش أو شك في ذلك فلا يصح تذكيته.
مسألة قال ابن القاسم: وسمعت مالك يقول في ذبيحة السكران الذي لا يعقل والمجنون الذي لا يعقل: إنها لا تؤكل إذا كانا لا يعقلان.
قال محمد بن رشد: وأما السكران الذي لا يعقل أصلا فهو كالمجنون المطبق الذي لا يعقل فلا تؤكل ذبيحته بإجماع؛ لأن من شرط التذكية النية وهو القصد إلى الذكاة، وذلك لا يصح ممن لا يعقل له أصلا،