وإنما اختلف في جواز الاغتسال فيه ابتداء دون أن يغسل ما به من الأذى، فكرهه مالك للنهي الوارد عن الغسل في الماء الدايم، وأجازه ابن القاسم إذا كان الماء يحمل ما به من الأذى، وذلك قائم من المدونة ومنصوص عليه في رسم "البير" من هذا السماع، وفي رسم "العتق" من سماع عيسى من هذا الكتاب. وفرقوا بين حلول النجاسة المائعة في الماء الكثير الدائم وبين موت الدابة فيه استحسانا على ما يأتي في مسائلهم. ولو وقعت فيه الدابة ميتة وأخرجت من ساعتها قبل أن تطول إقامتها فيه لم يفسد ذلك الماء، وكذلك لو وقعت فيه حية فأخرجت قبل أن تموت. وقد سئل سعيد بن نمر عن فارة وقعت في قصرية شراب فقع فأخرجت حية، فقال: إنه يهراق ولا يوكل، وحكى غيره أن في سماع ابن وهب عن مالك مثله، وهو بعيد وشذوذ لا وجه له، فالله أعلم بصحته.
] وقال مالك في الماء الكثير تقع فيه القطرة من البول أو الخمر: إن ذلك لا ينجسه ولا يحرمه على من أراد أكله أو شربه أو الوضوء منه، والطعام والودك كذلك إلا أن يكون شيئا يسيرا.
قال محمد بن رشد: ظاهر هذه الرواية أن النجاسة اليسيرة لا تفسد الطعام الكثير ولا تنجسه، كما لا تفسد الماء الكثير ولا تنجسه، وهذا مما لا يقوله إلا داوود القياسي ومن شذ عن الجمهور وخالف الأصول؛ لأن