والدخول في نافلة من الخير بمعصية إنما هو مثل أن يسرق مال أحد أو يغصبه، فيفدي به أسيرا، أو يفعل به خيرا، وما أشبه ذلك، وسواء على مذهب ابن القاسم كان الأسير في بلد الحرب، أو قدم به بأمان إلى بلد المسلمين؛ إذ له على مذهبه أن يرجع به إلى بلده إن شاء خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أنه لا يمكن من الرجوع به إلى بلده، ويؤخذ منه بالقيمة شاء أو أبى، وقد تقدم في سماع يحيى وسحنون ما دل على هذا المعنى، ومن فدى مسلما بخمر أو خنزير أو ميتة، فلا رجوع له عليه بشيء، إلا أن يكون المعطي ذميا، فليرجع عليه بقيمة الخمر والخنزير والميتة إن كانت مما يملكونها، قاله سحنون في كتاب ابنه، ومعناه إذا فداه بذلك من عنده، وأما إن ابتاعه ليفديه به، فإنه يرجع عليه بالثمن الذي اشتراه به، والله تعالى هو الموفق لا رب غيره.

[دعي إلى الإسلام أو الجزية غير مرة فأبى فجوهد وجاهدوا وحاربوا وسبوا]

ومن مسائل نوازل سئل عنها أصبغ قيل لأصبغ: أرأيت من قد دعي إلى الإسلام أو الجزية غير مرة فأبى، فجوهد وجاهدوا وحاربوا وسبوا، أيدعى هؤلاء أبدا؟ قال أصبغ: أما الجيوش الظاهرة الغالبة والصائلة، فإني أرى الدعوة عليهم، ولا أرى لهم أن يقاتلوا قوما، ولا حصنا إلا بدعوة؛ لأن هؤلاء لم يخرجوا بطلب غرة، ولا انتهاز فرصة، وإنما خرجوا قاهرين ظاهرين لتخريب العامر، وللإدخال في الإسلام وما أشبه هذا، وأما السرايا وما أشبهها التي تطلب الغرر، وانتهاز الفرصة، فلا أرى على هؤلاء في مثل من وصفت دعوة ولو دعي مثل هؤلاء؛ لكان إنذارا على أنفسهم وتجليبا عليهم.

قال: وهذا أحب ما سمعت إلي، مع ما جاء من الاختلاف في الدعوة، قد قال جل الناس: إنها قد بلغت العالم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015