قال محمد بن رشد: قد مضت هذه الرواية لأشهب في أول سماعه، والقول عليها هناك، فلا معنى لإعادته.
مسألة قال أشهب: في الروم يطلبون من المسلمين في المفاداة الخمر والخيل والسلاح، قال: أما الخيل والسلاح فلا بأس، وأما الخمر فلا يصلح؛ لأنه لا ينبغي لأحد أن يدخل في نافلة من الخير بمعصية.
قال محمد بن رشد: ظاهر قول أشهب هذا أنه أجاز أن يفدى الأسير بالخيل والسلاح، وإن كثر ذلك، إذا لم يقدر إلا على ذلك، وهو نص قول سحنون خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب، من أنه إنما يجوز ذلك ما لم يكن الخيل والسلاح أمرا كثيرا، يكون لهم به القوة الظاهرة.
وأجاز سحنون أيضا أن يفدى منهم بالخمر والخنزير والميتة، قال: ويأمر الإمام أهل الذمة أن يدفعوا ذلك إليهم، ويحاسبهم بقيمته في الجزية، فإن أبوا لم يجبروا على ذلك، ولم يكن بأس بابتياع ذلك لهم، وهذه ضرورة، وقد روي عن ابن القاسم أن المفاداة بالخمر أحق منها بالخيل والسلاح، وهو كما قال؛ إذ لا ضرر فيه على المسلمين في المفاداة منهم بالخمر، وعليهم الضرر في المفاداة منهم بالخيل، وقول أشهب في تفرقته بين الخيل والسلاح وبين الخمر؛ لأنه لا ينبغي لأحد أن يدخل في نافلة من الخير بمعصية ليس بصحيح؛ لأن بيع الخيل والسلاح منهم معصية كما أن بيع الخمر منهم معصية، فإذا جاز أن يعطوا الخيل والسلاح في فداء مسلم لحرمة المسلم كان أجوز يعطوا فيه الخمر لحرمة المسلم؛ إذ لا ضرر في ذلك على المسلمين