ولا يقل الحساب أهمية عن الخط، وبه تعرف منازل القمر والشمس والنجوم وعدد السنين والأيام الخ.
أما النصبة فهي الحال الناطقة بغير اللفظ والمشيرة بغير اليد. وذلك ظاهر في خلق السماوات والأرض، وفي كل صامت وناطق وجامد ونام ومقيم وظاعن وزائد وناقص. فالدلالة التي في الموات الجامد كالدلالة التي في الحيوان الناطق، فالصامت ناطق من جهة الدلالة، والعجماء معربة من جهة البرهان» «1» .
بقي اللفظ، أهم وسائل البيان، وقد تحدث عنه الجاحظ بإسهاب ودرسه دراسة عميقة شاملة.
وقوام اللفظ الصوت، فكل لفظة تتألف من مجموعة مقاطع، وكل مقطع يتألف من مجموعة حروف، وكل حرف عبارة عن صوت. والصوت ينتج عن حركات اللسان في الفم. يقول الجاحظ موضحا ذلك: «والصوت هو آلة اللفظ والجوهر الذي يقوم به التقطيع وبه يوجد التأليف، ولن تكون حركات اللسان لفظا ولا كلاما موزونا أو منشورا إلا بظهور الصوت، ولا تكون الحروف كلاما إلا بالتقطيع والتأليف» «2» .
ويعتني الجاحظ بملاحظة العلل التي تعتري البيان وأهمها الحبسة واللثغة واللكنة واللحن.
والحبسة عقدة تصيب اللسان فلا يستطيع المرء النطق بسهولة، ويثقل عليه الكلام، فينتج عن ذلك عدم القدرة على التعبير جيدا عن أفكاره وإفهام الآخرين. وكان موسى يعاني من هذه العقدة فسأل الله حين بعثه إلى فرعون بإبلاغ رسالته أن يحل تلك العقدة التي كانت في لسانه أو الحبسة التي كانت في بيانه «3» .