قال أبو الحسن: عرض أعرابيّ لعتبة بن أبي سفيان وهو على مكة فقال:
أيها الخليفة! قال: لست به ولم تبعد. قال: يا أخاه. قال: اسمعت.
فقال: شيخ من بني عامر يتقرب إليك بالعمومة، ويختص بالخؤولة، ويشكو إليك كثرة العيال ووطأة الزمان، وشدّة فقر وترادف ضرّ، وعندك ما يسعه ويصرف عنه بؤسه! قال: استغفر الله منك، واستعينه عليك، قد أمرت لك بغناك، وليت إسراعي إليك يقوم بإبطائي عنك.
وقال أعرابيّ يعيب قوما: هم أقلّ الناس ذنوبا إلى أعدائهم، وأكثرهم جرما إلى أصدقائهم، يصومون عن المعروف، ويفطرون على الفحشاء.
وقال مجّاعة بن مرارة «1» ، لأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: إذا كان الرأي عند من لا يقبل منه، والسلاح عند من لا يستعمله، والمال عند من لا ينفقه، ضاعت الأمور.
الأصمعي قال: نعت أعرابيّ رجلا فقال: كأنّ الألسن والقلوب ريضت له، فما تنعقد إلا على ودّه، ولا تنطق إلا بحمده.
وقال أعرابي: وعد الكريم نقد وتعجيل، ووعد اللئيم مطل وتعليل.
أتى أعرابي عمر بن عبد العزيز فقال: رجل من أهل البادية ساقته الحاجة وانتهت به الفاقة، والله يسألك عن مقامي غدا! فبكى عمر.
قال الشاعر:
ومن يبق مالا عدّة وصيانة ... فلا البخل مبقيه ولا الدهر وافره
ومن يك ذا عود صليب يعدّه ... ليكسر عود الدهر فالدهر كاسره