قال أبو الحسن: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد بن عبد الملك:
أما بعد فإنك كتبت تذكر أن عاملا أخذ مالك بالحمّة «1» وتزعم أني من الظالمين! وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من أمرك صبيا سفيها على جيش من جيوش المسلمين، لم تكن له في ذلك نية إلا حب الوالد لولده. وإن أظلم مني وأترك لعهد الله لأنت. فأنت عمر بن الوليد، وأمك صنّاجة «2» تدخل دور حمص، وتطوف في حوانيتها! رويدك أن لو قد التقت حلقتا البطان «3» لحملتك وأهل بيتك على المحجّة البيضاء، فطالما ركبتم بنيّات الطريق «4» .
مع أني قد هممت أن أبعث إليك من يحلق دلادلك! فإني أعلم أنها من أعظم المصائب عليك. والسلام.
قال أبو الحسن: كان عبد الملك بن مروان شديد اليقظة، وكثير التعهد لولاته، فبلغه أن عاملا من عمّاله قبل هدية، فأمر بإشخاصه إليه، فلما دخل عليه قال له: أقبلت هدية منذ وليتك؟ قال له: يا أمير المؤمنين، بلادك عامرة، وخراجك موفور، ورعيتك على أفضل حال! قال: أجب فيما سألتك عنه، أقبلت هدية منذ وليتك؟ قال: نعم. قال: لئن كنت قبلت هدية ولم تعوّض إنك للئيم. ولئن أنلت مهديك لا من مالك أو استكفيته ما لم يكن يستكفاه، إنك لجائر خائن. ولئن كان مذهبك أن تعوض المهدي إليك من مالك وقبلت ما اتهمك به عند من استكفاك وبسط لسان عائبك، واطمع فيك أهل عملك، إنك لجاهل. وما فيمن أتى أمرا لم يخل فيه من دناءة أو خيانة أو جهل مصطنع! نحّياه عن عمله.