ولهذه العلة قتل خالد بن سعيد بن العاصي، حين غشيه العدو وأراد الركوب ولم يجد من يحمله. ولذلك قال عمر حين رأى المهاجرين والأنصار قد أخصبوا، وهمّ كثير منهم بمقاربة عيش العجم: «تمعددوا وآخشوشنوا «1» ، واقطعوا الركب، وانزوا على الخيل نزوا» . وقال: «احفوا وانتعلوا، إنكم لا تدرون متى تكون الجفلة «2» » .

وكانت العرب لا تدع اتخاذ الركاب للرحل فكيف تدع الركاب للسرج؟! ولكنهم كانوا وإن اتخذوا الركب فإنهم كانوا لا يستعملونها إلا عندما لا بد منه، كراهة أن يتّكلوا على بعض ما يورثهم الاسترخاء والتفنخ «3» ويضاهوا أصحاب الترفة والنعمة «4» . قال الأصمعي: قال العمري: كان عمر بن الخطاب يأخذ بيده اليمنى أذن فرسه اليسرى. ثم يجمع جراميزه ويثب، فكأنما خلق على ظهر فرسه. وفعل مثل ذلك الوليد بن يزيد بن عبد الملك وهو يومئذ وليّ عهد هشام، ثم أقبل على مسلمة بن هشام فقال له: أبوك يحسن مثل هذا؟ فقال مسلمة: لأبي مائة عبد يحسنون مثل هذا. فقال الناس: لم ينصفه في الجواب.

وزعم رجال من مشيختنا أنه لم يقم أحد من ولد العباس بالملك إلا وهو جامع لأسباب الفروسية.

وأما ما ذكروا من شأن رماح العرب فليس الأمر في ذلك على ما يتوهمون.

للرماح طبقات: فمنها النيزك «5» ، ومنها المربوع، ومنها المخموس «6» ، ومنها التام، ومنها الخطل وهو الذي يضطرب في يد صاحبه لأفراط طوله. فإذا أراد الرجل أن يخبر عن شدة أمر صاحبه ذكره، كما ذكر متمّم بن نويرة أخاه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015