على الصعيد، كان قد اقام به زمناً، والظاهر أن عبد الله بن سعد اتخذ مقره في أقصى الصعيد. في المنطقة التي كان يسكنها نوبة مصر. يقول المقريزي: " لما بعث عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد فتح مصر إلى النوبة " يقصد نوبة مصر " سنة عشرين وقيل سنة إحدى وعشرين، في عشرين ألفاً، فمكث بها زماناً فكتب إليه عمرو يأمره بالرجوع إليه ". ومن هذا ندرك أن العرب الفاتحين، قد بلغوا أقصى صعيد مصر منذ أيام الفتح الأول. وأن الجيش الذي صحب عبد الله بن سعد إلى الصعيد الأعلى، كان يبلغ عشرين ألفاً. على أن هذه الآلاف المعدودة التي سجلت في عداد جيوش الفتح الأول، لا تعطينا، فيما نعتقد، صورة كاملة لعدد الجماعات العربية التي نزلت مصر في هذه الفترة. ومن الممكن أن نفترض أن المصادر التاريخية، ربما أغفلت ذكر جماعات عربية استوطنت مصر في أيام الفتح غير هؤلاء الجنود الذين ورد ذكرهم. ولكن مما يفيد الباحث أن يجد في هذه المصادر إشارات قد تعينه، على عمومها في هذا المجال. فالمقريزي يحدثنا أن قبائل " بلىّ " التي كانت تؤلف ثلث المجموعة القضاعية الساكنة في بلاد الشام، قد نقلت كلها بأمر عمر بن الخطاب إلى مصر. وتفرقت بأرض مصر، ولا يبعد أن جزءاً كبيراً منهم قد انساحوا إلى الصعيد. ويذكر المقريزي ما يدل على أن جذاما كانوا أقدم من سكن الحوف الشرقي. ويفيدنا في كتابه " الخطط " بأن لخماً وجذاما سكنوا بعض مناطق الشرقية في أوائل الفتح، كما يحدثنا أن الفيوم والبهنسا وبوصير وسخا وأتريب وغيرها من بلدان مصر كانت مساكن لقبائل الفتح الأول. يقول " وكانت القرى التي يأخذ فيها معظمهم منوف وسمنود واهناس وطحا. وكان أهل الراية متفرقين. فكان آل عمرو بن العاص وآل عبد الله بن سعد يأخذون في منوف ووسيم. وكانت هديل تأخذ في ببا وبوصير. وكانت عدوان تأخذ في بوصير وقرى عك، والذي يأخذ فيه معظمهم: بوصير ومنوف وسندبيس وأتريب. وكانت بلى تأخذ في منف وطرابية. وكانت حضرموت تأخذ في ببا وعين شمس وأتريب. وكانت مراد تأخذ في منف والفيوم ومعهم عنس بن زَوْف " فرع من كهلان ".

وكانتت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015