وأما قول الملحد: "فانظروا يا من خذلهم الله، أي مقام أعظم من هذا الذي علق الله محبته ومغفرته على إتباعه عليه الصلاة والسلام أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ ".
والجواب: أن المخذول من اتخذ إلهه هواه، وختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة. فهو لا يفرق بين الحق والباطل، بل يؤثر الباطل على الحق، إتباعاً لهواه {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} [القصص، الآية:50] {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة، الآية:51] إن المخذول: هو هذا الملحد المتناقض، الذي لم يحترم صاحب هذا المقام العظيم سيد الأولين والآخرين، من أرسله تعالى رحمة للعالمين بل عارضه في أصل رسالته التي أرسله الله تعالى بها إلى جميع خلقه: بأن يعبدوه الله تعالى وحده لا يشركون معه في عبادته أحداً من خلقه. فقام هذا الملحد ومن قلدهم بمعارضة هذا الرسول الكريم في أصل دعوته، التي أرسله الله بها، وجميع الرسل من قبله بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء، الآية:25] : فقام هؤلاء الوثنيون يدعون إلى إشراك الخلق مع خالقهم في خالص عبادته تعالى. وما كفاهم فقد أشركوهم مع الله تعالى في ربوبيته. فقالوا: إنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون تعالى الله عما يقول الظالمون