مخالفاً لما ذهب إليه لم يقبل قوله، ورده عليه، وناقشه فيه وإن كان ذلك الإمام قد أصاب في ذلك القول، ووافقه عليه غيره من الأئمة، وإن كان موافقاً لما صار إليه تلقاه بالقبول. واحتج به واعتمد عليه، وإن كان ذلك الإمام قد خولف في ذلك، ولم يتابعه غيره من الأئمة عليه. وهذا هو الجور والظلم، وعدم القيام بالقسط. نسأل الله التوفيق ونعوذ به من الخذلان، وإتباع الهوى. إلى أن قال:
فانظر إلى كلام هذا المعترض المتضمن لرد النقل الصحيح بالرأي الفاسد، واجمع بينه وبين ما حكاه عن شيخ الإسلام من الافتراء العظيم والإفك المبين، والكذب الصراح. وهو ما نقله عنه من أنه جعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: معصية بالإجماع، مقطوع بها. هكذا هذا المعترض عن بعض قضاة الشافعية عن الشيخ أنه قال هذا القول الذي لا يشك عاقل من أصحابه وغير أصحابه أنه كذب مفترى، لم يقله قط، ولا يوجد في شيء من كتبه، ولا دل عليه كلامه، بل كتبه كلها ومناسكه وفتاويه، وأقواله تشهد ببطلان هذا النقل عنه. ومن له أدنى علم وبصيرة يقطع بأن هذا مفتعل مختلق على الشيخ، وأنه لم يقله قط. وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات، الآية:6] إلى أن قال:
فلما وقفت على هذا الكتاب المذكور أحببت أن أنبه على ما وقع فيه من الأمور المنكرة، والأشياء المردودة، وخلط الحق بالباطل، لئلا يغتر بذلك بعض من يقف عليه ممن لا خبرة له بحقائق الدين، مع أن كثيراً مما فيه من الوهم والخطأ يعرفه خلق من المبتدئين بالعلم بأدنى تأمل، ولله الحمد. ولو نوقش مؤلف هذا الكتاب على جميع ما اشتمل عليه من الظلم والعدوان والخطأ والخبط والتخليط والغلو والتشنيع والتلبيس: لطال الخطاب، ولبلغ الجواب مجلدات، ولكن التنبيه على القليل مرشد إلى معرفة الكثير لمن له أدنى فهم. والله المستعان. إلى أن قال: