وسماها "شفاء السقام في زيارة خير الأنام".

قال الإمام الحافظ ابن عبد الهادي في مقدمة كتابه "الصارم المنكي": أما بعد، فإني وقفت على الكتاب الذي ألفه بعض قضاة الشافعية، في الرد على شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى في مسألة شد الرحال، وإعمال المطي إلى القبور. وذكر أنه قد سماه "شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة" ثم زعم أنه اختار أن يسميه "شفاء السقام في زيارة خير الأنام" فوجدت كتاب مشتملاً على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة، والآثار القوية المقبولة، وتحريفها عن مواضعها وصرفها عن ظاهرها بالتأويلات المستنكرة المردودة ورأيت مؤلف هذا الكتاب المذكور رجلاً ممارياً، معجباً برأيه، متبعاً لهواه، ذاهباً في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة، والآراء الساقطة، صائراً في أشياء مما يعتمده إلى الشبه المحيلة، والحجج الداحضة. وربما خرق الإجماع في مواضع لم يسبق إليها، ولم يوافقه أحد من الأئمة عليه. وهو في الجملة: لون عجيب، وبناء غريب. تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين، فيكون مخطئاً في ذلك الاجتهاد، ومرة يزعم فيما يقوله ويدعيه أنه من جملة المقلدين، فيكون من قلده مخطئاً في ذلك الاعتقاد. نسأل الله سبحانه أن يلهمنا رشدنا، ويرزقنا الهداية والسداد. هذا مع أنه إن ذكر حديثاً مرفوعاً أو أثراً موقوفاً- وهو غير ثابت- قبله إذا كان موافقاً لهواه، وإن كان ثابتاً رده إما بتأويل أو غيره، ما يوافق رأيه قبله، وإن كان مطعوناً فيه غير صحيح عنه، وإن كان مما يخالف رأيه رده ولم يقبله، وإن كان صحيحاً ثابتاً عنه وإن حكى شيئاً مما يتعلق بالكلام على الحديث، وأحوال الرواة عن أحد أئمة الجرح والتعديل- كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وأبي حاتم بن حبان البستي، وأبي جعفر العقيلي، وأبي أحمد بن عدي، وأبي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك، وأبي بكر البيهقي، وغيرهم من الحفاظ- وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015