به الشهداء في قوله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران، الآية:169] وعلموا حالهم بخبره ذلك. ثم كان المراد من الله تعالى ذكره في قوله: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} [البقرة، الآية:154] نهى خلقه عن أن يقولوا للشهداء: إنهم موتى، ترك إعادة ذكر ما قد بيَّن لهم من خبرهم. وأما قوله: {وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [البقرة، الآية:154] فإنه يعني به: ولكنكم لا ترونهم فتعلمون أنهم أحياء، وإنما تعلمون ذلك بخبري إياكم به، وإنما رفع قوله: {أَمْوَاتٌ} [البقرة، الآية:154] بإضمار مكنى عن أسماء من يقتل في سبيل الله. ومعنى ذلك: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هم أموات، ولا يجوز النصب في "أموات" لأن القول لا يعمل فيهم. وكذلك قوله "بل أحياء" رفع بمعنى: أنهم أحياء. انتهى.
وقال على قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الحج، الآية:58] يقول تعالى ذكره: والذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم، فتركوا ذلك في رضي الله تعالى وطاعته وجهاد أعدائه. ثم قتلوا أو ماتوا وهم كذلك ليرزقنهم الله يوم القيامة في جناته رزقاً حسناً. يعني بالحسن: الكريم، وإنما يعني بالرزق الحسن: الثواب الجزيل: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الحج، الآية:58] يقول: وإن الله لهو خير من بسط فضله على أهل طاعته وأكرمهم.
وقال على قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء، الآيتان:34-35] يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: وما خلدنا أحداً من بني آدم يا محمد قبلك في الدنيا فنخلدك فيها. ولا بد لك من أن تموت كما مات من قبلك من رسلنا {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء، الآية:34] يقول: فهؤلاء المشركون بربهم هم الخالدون في الدنيا بعدك؟ لا، ما ذلك كذلك، بل ميتون بكل حال عشت أو مت. انتهى.