حفظ الله تعالى لدينه وصدق وعد نبيه صلى الله عليه وسلم بأن "لا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" لقضى هؤلاء الدعاة إلى ترك الكتاب والسنة بحجة التقليد على البقية من هذا الدين الحنيف. ولكن الله تعالى حافظ دينه، ومصدق وعد نبيه فإنه من عصر الصحابة إلى يومنا هذا لم يزل أئمة المسلمين- ومنهم الأئمة الأربعة- ينكرون التقليد ويذمونه، ويحذرون منه، ويحثون على الاجتهاد والأخذ من الكتاب والسنة. وقد أمر الله تعالى بطاعة رسول صلى الله عليه وسلم فقال: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر، الآية: 7] ، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ} [آل عمران، الآية:31] ، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء، الآية:80] ، وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور، الآية:54] والآيات في القرآن كثيرة يأمر الله تعالى فيها بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم, وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد" وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه في موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم البليغة، وفيها: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود والترمذي. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرموا أصحابي، فأنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب – إلى آخر الحديث.." رواه النسائي بإسناد صحيح. قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "ذم التقليد": قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من محدثات الأمور وأخبر: "أن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". ومن المعلوم بالضرورة أن ما عليه هؤلاء من التقليد الذي يتركون له كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعرض القرآن والسنة عليه، ويجعل معياراً عليهما: من أعظم المحدثات والبدع التي برأ الله سبحانه منها القرون التي فضلها، وخيرها على غيرها – إلى آخر كلامه ... ".
وقال رحمه الله تعالى أيضاً في كتابه "أعلام الموقعين": وهل يلزم العامي