عليه تقليد الميت لجهله بدليل قول حرم عليه تقليد الحي. ثم ذكر عن أبي طالب المكي في كتاب "قوت القلوب" كلاماً طويلاً بهذا المعنى- إلى أن- قال: قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب"جامع بيان العلم" ما نصه: باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والإتباع. التقليد عند جماعة العلماء غير الإتباع، لأن الإتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه. والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول ولا معناه، وقد ذم الله التقليد في غير موضع من كتابه، فقال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة، الآية:31] قال حذيفة وغيره: "لم يعبدوهم من دون الله، ولكن أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم" وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} [الزخرف، الآيتان:23-24] فمنعهم الاقتداء بآبائهم عن قبول الاهتداء، فقالوا: {إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [سبأ، الآية: 34] وفي هؤلاء ومثلهم قال الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [الأنفال، الآية:22] وفي القرآن كثير في ذم تقليد الآباء والرؤساء، وقال ابن مسعود: "ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً" وقال علي رضي الله عنه:
إذا المشكلات تصدين لي ... كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجا ... ل أسائل هذا، وذا، ما الخبر؟
وقال أبو عمر رحمه الله تعالى: وهذا كله نفي للتقليد، وإبطال له لمن فهمه، وهدى لرشده، وقد قال عبيد الله بن المعتز: "لا فرق بين بهيمة تقاد وإنسان يقلد" قال: وقد نظمت في التقليد أبياتاً وهي هذه -فذكر الأبيات- ثم قال: وقد احتج جماعة من الفقهاء وأهل النظر على من أجاز التقليد بحجج نظرية عقلية فأحسن ما رأيت في ذلك قول المزني رحمه الله تعالى، وأنا أورده: قال: يقال لمن حكم بالتقليد: هلي لك من حجة فيما حكمت به؟ فإن