قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ويحلف بالله: إن هذا الحق - ويسميه بما يصير به معلوما - لثابت عليه، وإنه ما اقتضاه ولا شيئا منه ولا أبرأه منه ولا من شيء منه، وإنه لثابت عليه إلى أن حلفت هذه اليمين) .
وقال في موضع آخر: (يحلف بالله: إن هذا الحق - ويسميه - لثابت عليه وما اقتضاه ولا شيئا منه، ولا اقتضاه أحد بأمره ولا شيئا منه، ولا اقتضى بغير أمره فوصل إليه) . واختلف أصحابنا في هذا:
فقال بعضهم: إن كان المدعى عليه قد ادعى البراءة بجهة خاصة؛ بأن يقول: قبض هذا الحق مني، أو أبرأني منه، أو أحال به علي.. فإن المدعى عليه يحلف على نفي تلك الجهة فحسب. وإن ادعى البراءة مطلقا.. فيحتاج إلى أن يحلف على نفي جميع هذه الجهات لنفي الاحتمال من جميع الوجوه.
قال الشيخ أبو حامد: وإنما حلف أنه ما اقتضى بغير أمره فوصل إليه؛ لأنه إذا قبضه غيره بغير أمره ووصل إليه.. برئ.
ومن أصحابنا من قال: يكفيه أن يحلف أنه ما أبرأ إليه منه، أو أنه لم يبرأ من ذلك الحق بقول ولا فعل؛ لأنه يدخل تحت ذلك سائر جهات البراءة. وما ذكره الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فإنما ذكره على سبيل الاستحباب لا على سبيل الشرط.
] : وإن ادعى رجل على رجل أنه غصب منه شيئا أو أقرضه شيئا، فقال المدعى عليه: لا حق لك علي من ذلك، أو لا تستحق علي ذلك.. صح الجواب.
فأما إذا أراد المدعى عليه أن يحلف.. فإنه يحلف أنه لا يستحق عليه ذلك. ولا يكلف اليمين: أنه لم يغصبه منه أو لم يقترض منه؛ لأنه قد يغصب منه أو يقترض منه، ثم يقضيه إياه أو يبرئه منه ولا بينة له على ذلك، فإذا حلف على أنه لم يغصب منه أو لم يقترض منه.. كان حانثا في يمينه. وإن أقر له بذلك.. لم يقبل قوله، فيلزمه