ومنهم من قال: إن ذلك شرط في القسامة؛ لأنه قد ينفرد بقتله فعلا إلا أن غيره أكرهه على قتله، فيكون المكره له مشاركا له في قتله حكما، ويجب عليه نصف الدية بلا خلاف على المذهب.
وقد يتأول الحالف بقوله: (منفردا بقتله) ، أي: فعلا، فلا يحنث. فإذا قال: ما شركه فيه غيره.. انتفى الاشتراك فعلا وحكما.
فإن قيل: فالاعتبار عندكم بنية الحاكم لا بنية الحالف، والحنث يقع على ما نواه الحاكم لا على ما نواه الحالف.. قيل: قد يكون هذا الحالف جاهلا لا يعلم ذلك، وربما ظن أن الاعتبار بما نواه الحالف فيقدم على اليمين الكاذبة ويعتقد أنه لا يحنث إلا على ما نواه، فإذا حلفه الحاكم مثل ما ذكرناه.. لم يقدم على اليمين الكاذبة.
وإن حلف المدعى عليه أنه ما قتل.. فإنه يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وينفي ستة أشياء، فيقول: ما قتلت فلان بن فلان الفلاني، ولا أعنت على قتله، ولا ناله من فعلي، ولا من سبب فعلي شيء جرحه، ولا وصل إلى شيء من بدنه، ولا أحدثت شيئا مات منه) .
فأما قوله: (ما قتلته) فإنه ينفي أنه ما باشر قتله وحده. وأما قوله: (ولا أعنت على قتله) فإنه ينفي أنه ما جرحه هو وغيره جراحات فيموت منها، وإذا لم يقل ذلك.. فربما اعتقد بقوله: (ما قتلته) ؛ أني: ما انفردت بقتله.
وأما قوله: (ولا ناله من فعله) يعني: أنه لم يصبه سهم ولا حجر.
وأما قوله: (ولا ناله من سبب فعله شيء جرحه) ؛ لأنه قد يرمي حجرا بحجر